2022-23 تأملاتي

منذ ثلاثة أعوام مضت، شعرنا وكأن الجائحة هي نهاية العالم من شدة ضراوتها. مع ذلك، جدير بالملاحظة أيضًا قوة استعادتنا الشاملة لنجاحنا. شاركنا Mr. Kumar Mangalam Birla بذلك في مذكرة تأملاته السنوية

يمثل مطلع العام الجديد وقتًا لتأمل ما تم تعلمه على مدى الشهور المنصرمة، ولتحديد الأولويات في العام القادم. وقد أصبح من عاداتي الآن أن أدون تأملاتي رسميًا في مذكرات، وفي هذا العام، بدأت ذلك بالتعمق في مذكراتي عن الأعوام الماضية. كان ذلك وكأني أسير سيرًا إرشاديًا على طريق الماضي القريب، حيث أصبحت العدسة المكبرة التي تعين على عدم الإدراك المتأخر للحقائق من خلال بعض من ملاحظاتي السابقة. ظلت بعض قناعاتي صادقة وحقيقية مثل أسبقية الترشد على التباهي والمفاخرة عند تثمين الأمور، والدور النشط للمؤسسات الكبرى بوصفها محركات للنمو والخير المجتمعي، وأهمية العودة إلى المكتب؛ أي أسبقية العمل من المكتب على العمل من المنزل. على الجانب الآخر، تحتاج قناعتي حول عشرينيات القرن الحادي والعشرين الجامحة إلى مزيد من التأكيد.

منذ ثلاثة أعوام مضت، شعرنا وكأن الجائحة هي نهاية العالم من شدة ضراوتها. مع ذلك، جدير بالملاحظة أيضًا قوة استعادتنا الشاملة لنجاحنا. وفي الوقت ذاته، نتعلم كيفية العيش في ظل الوضع الجغرافي السياسي الطبيعي الجديد الذي أعاد تشكيل كل شيء بدءًا من سلاسل الإمداد وحتى الثروات النسبية لمختلف الدول.

في ضوء تلك المستجدات، فطنت إلى 5 اتجاهات اعتقد ان يمتد أثرها لعدة سنوات.

صعود الهند: أكثر من "زائد واحد"

فكر في دولة تجمع بين القوة الاقتصادية، وعدد كبير من السكان في سن العمل، والديناميكية الديموغرافية، والطاقات الصناعية والتجارية، والديمقراطية القوية والتنوع. أضف إلى ذلك الموقع المحوري في الجغرافيا السياسية العالمية الحالية. هذه الدولة هي الهند. أعتقد أن دردشة جي بي تي تؤيد ذلك أيضًا!

لثروات الهند الاقتصادية أهمية كبيرة في العالم. ولكن الأكثر إثارة للاهتمام هو أن صعود الهند يتلقى ترحيبًا من العالم حيث أنها تزداد نموًا لتصبح محرك نمو مستقر ونافع. وفي الواقع، يجسد السطر الثانوي لرئاسة الهند لمجموعة العشرين قيمها الأساسية وهي- أرض واحدة وأسرة واحدة. ومستقبل واحد. أو حسبما نقول العالم أسرة واحدة. تقترن الإمكانات الاقتصادية الكامنة لهذا البلد مع الثقة الحضارية المكتشفة حديثًا التي وُلدت من بزوغنا بوصفنا قطب نمو قوي عالمي ثالث. بلا شك يمثل العقدان ونصف العقد القادم الوقت المناسب لبدء الشركات الجديدة.

يجري الآن عملية إعادة تشكيل عشرية لسلاسل الإمدادات. بدأت المؤسسات العالمية في النظر إلى الدول في آسيا كجزء من استراتيجية الصين زائد واحد الخاصة بها، ومن ثم تُعد الهند خيارًا واضحًا. إن إعادة تموضع سلسلة الإمداد هو أمر معقد ويتطلب منا أن نبقى في مسارنا. مع ذلك، يتسم المسار الذي نرسمه بالجراءة ومن المؤكد أن تسفر عنه نتائج طيبة.

تتمتع الهند بالفعل بأكبر عدد من السكان في سن العمل على مستوى العالم. وتشير الدروس المستفادة من تحولات الاقتصادات الأخرى خلال العقود القليلة الماضية إلى أهمية هذا المكسب الديموغرافي.

ومع مواصلة الهند الانفتاح في التجارة والاستثمار، وتكوين التحالفات الجديدة والتمسك بالتحالفات القديمة في النظام العالمي المتغير، فسوف يكون لها مكانًا فريدًا في الاقتصاد العالمي. يقع على عاتقنا الآن نحن شعبها، وشركاتها، وقادتها تسخير هذه الفرص لصالح الهند.

الطاقة النظيفة هي نقطة تحول

تم تحديد المناخ والاستدامة بوصفهما بالفعل أبرز تحديات القرن الحادي والعشرين. وفي حين أن الرحلة قصيرة المدى للغاز الطبيعي كانت إلى الفحم، إلا أنه تُبذل الآن جهودًا حقيقية أوسع للتحول إلى الطاقة النظيفة. وأخيرًا ترى الحكومات والشركات الكبرى على مستوى العالم توافق بين ما هو فاضلًا وبين الحصافة المالية. وسوف تقود هذه المقاربة تحولًا يمتد لعقود عديدة.

قامت الهند ببعض الرهانات الجريئة والالتزامات خلف هذا التحول. نهدف على مستوى الأمة إلى توليد 50% من احتياجاتنا من الطاقة من مصادر متجددة، أو بعبارة أخرى، امتلاك 500 جيجا وات من القدرة القائمة على الوقود غير الأحفوري بحلول عام 2030. تحول الهند الأقوال إلى أفعال كما يتضح من قيادتها الرائدة للتحالف الدولي للطاقة الشمسية.

على المستوى المؤسسي، من دواعي السرور رؤية التزامات كاملة مماثلة يتم تقدميها في مجال الأعمال. نقوم باستثمارات مماثلة في الطاقة الخضراء، والاقتصاد الدائري، والمواد المستدامة عبر مجموعة من شركات مجموعتنا. سوف تبدأ ظروف تغير المناخ في التحسن عالميًا عندما نتمكن من إيجاد حلول قائمة على توظيف التكنولوجيا لتتماشى مع التطلعات المادية للأجيال الحالية مع تحمل المسئولية اتجاه حياة الأجيال القادمة. ولا يوجد مكان يتضح في ذلك بحق أكثر من الدول الناشئة بسرعة مثل الهند.

لا طرق مختصرة في بناء الأعمال

إن توفر رأس المال –مع الاقتران بالمواهب الشابة التي تضج بالأفكار- يبشر بأننا سوف نشهد غزارة فريدة في بناء الأعمال الجديدة. ثمة الكثير الذي يُحتفى به ويمكن التعلم منه من الطاقة الأولية والصخب المصاحب للعديد من هذه الشركات الجديدة في المنظومة الحاضنة للشركات الناشئة. ولكن في نفس الوقت، يتضح باستمرار أنه ثمة خط رفيع بين الصخب والغرور. لإحداث هذا التوازن بشكل جيد، من المهم القيام بأربعة أشياء على نحو صحيح.

• قم ببناء فرق رائعة ولا تخشى من ضم مواهب جديدة. إن الفرق الأكبر الوحيد بين الكثير من الشركات الناجحة والشركات الأخرى ليس هو الأفكار الحديثة، أو حتى التكنولوجيا الفريدة، بل الفريق الذي يمكنه استغلال أفضل الحلول المتاحة.
• قم بإنشاء ثقافة قيم تقوم على أن الأفعال أهم من الشعارات. لسوء الحظ، ثمة الكثير جدًا من الأمثلة مؤخرًا على الفرق التي تتبع الطرق المختصرة. عندما يتم تقديم التنازلات لصالح النمو. وعندما تنطلق المنبهات بعد فوات الأوان. قم بالبناء من أجل القادم.
• امتلك تحركات هجومية. ينطبق ذلك على كلًا من المنافسين والمنشقين. خطط إذن لأسلوبك على رقعة الشطرنج بالإتيان بثلاثة تحركات. يتعين تنظيم الرهانات الكبيرة استنادًا على نقاط قوتك الأساسية- على سبيل المثال اقتصاديات أفضل للوحدات، وحجم ضخم، ومزايا من الشبكات، وسرعة...إلخ إذا لم تقم بشكل مستمر بإعادة تشكيل قواعد الصناعة استنادًا على الرهانات الكبيرة، فسوف يقوم أحد غيرك بكل تأكيد بالقيام بذلك لصالحه.
• لا تزال المقاييس مهمة، حتى في غياب النظائر المثالية. لا يزال ثمة قيمة في الاستثمار في بناء رؤية للمقاييس الأساسية- أي أرباح التشغيل والهوامش الإجمالية والتدفقات النقدية لهذه المصطلحات صدى دائم عبر دورات الأعمال.

الاستمرارية = التجديد

ينتج عن التغييرات في التكنولوجيا، وتطور احتياجات العملاء دورات الأعمال أكثر قصرًا من أي وقت مدى. بالنسبة للمجموعة مثل مجموعتنا، من التحديات الفريدة التي تواجهنا تسخير الثقة والاستقرار اللذين ينشئان من الاستمرارية، وضمان في الوقت ذاته قدرتنا على تجديد أنفسنا باستمرار.

تم عرض فيلم توب جان الأصلي منذ أكثر من ربع قرن. يمكنني أن أتخيلكم أيها الشباب تتمايلون على أنغام الموسيقى التصويرية الشهيرة وتتخيلون أنفسكم في كابينة قيادة طائرة مقاتلة. جمع Top Gun Maverick الذي عُرض في 2022 إيرادات استثنائية في شباك التذاكر بلغت 1 مليار دولار في الشهر الأول من عرضه. لم تحقق السلسلة النجاح بفضل أفراد الجيل إكس الذي يشعرون بالحنين إلى توم كروز الشاب فقط، بل أيضًا بفضل الترحيب الحماسي من أفراد الجيل زيد. يرجع ذلك إلى درجة كبيرة إلى الدفع نحو التميز السينمائي، والتزام النجم الذي مازال يقود الطائرة بنفسه، والخيال من أجل إعادة التجديد والبناء من أجل المستقبل.

في المشهد المؤسسي، ستواجه الشركات أسئلة ملحة تخص مستقبلها. ما هي الصيغة الفريدة التي تسخر التحولات التاريخية التي تكونت من قوة العلامة التجارية، أو قوة التوزيع، أو البراعة التكنولوجية، مع خطوط المنتجات التي تسبق عصرها، والعلاقة بالعميل، والقوة العاملة الشابة سريعة الحركة؟ وما هي الرهانات التي تتجاوز رؤيتها الصيحات قصيرة الأجل وتترجمها إلى ميزة مستدامة؟ ليس لدي إجابات على كل هذه الأسئلة، لكنني أشجع بعض التجارب الفريدة التي نجريها لإيجاد حلول.

وأخيرًا، الغرض بوصفه طلسمًا

في عام 2022، قمنا بالصياغة الرسمية لبيان الغرض الخاص بمجموعتنا والذي كان بمثابة مرساة غير معلنة على مر السنين. يكمن في جوهره التطلع إلى إثراء الحياة من خلال بناء أعمال ومؤسسات ديناميكية ومسئولة جديرة بالثقة. في عالم تتزايد فيه الفرص، وكذلك حالة عدم اليقين المتسارعة، يهدف بيان الغرض الخاص بنا إلى أن يكون بمثابة طلسمًا، وأن يظل في صلب قرارات أعمالنا. بينما ننمو، نقوم أيضًا بتوسيع قدرتنا على الاستقبال. نعزز استيعابنا للمواهب، والتكنولوجيا، ورأس المال. وهذا بدوره، يمكننا من زيادة قدرتنا العطاء، وإحداث التأثير، وإثراء الحياة. تقع هذه الدورة الأخلاقية في صلب المؤسسة الناجحة المندفعة نحو غرضها.

اتسم عام 2022 بالكثير من التحديات، وعدم اليقين، والأمل في المستقبل رغم ذلك. وأفضل ما يلخص هذا العام هو الصور التي قدمها تلسكوب James Webb. فقد بدا الرذاذ الغزير لغبار النجوم المتلون بألوان قوس قزح عبر الفراغ الشاسع في الفضاء أكثر جاذبية من خيال الفنانين. كما قدمت نظرة خاطفة على نشأة الكون وقدمت لنا قصصًا عن النجوم والمجرات منذ بضعة مليارات من السنين مضت. تبشر هذه القصص من الماضي بالمستقبل وتشير إلى الاحتمالات اللامتناهية التي تنتظرنا في هذا الكون الفسيح. وعند التفكير بشاعرية، نجدها تلهمنا للتفكير في مستقبل كوكبنا ومجتمعاتنا وشركاتنا وأنفسنا.

- Kumar Mangalam Birla